فإن وجود المشاعر المقدسة ضمن جغرافية الحكومة السعودية يوجب عليها القيام بحقوق الحجيج ،لا باعتبارها أفضل دولة أو أرشد حكم، بل بحكم موقع مكة المكرمة والمدينة المنورة في نطاقها الجغرافي. وهذا أمر ملزم لها، موجب عليها القيام بإعداد وتنظيم وتسهيل إجراءات الحج والعمرة، والاضطلاع بمسئوليتها الكاملة حيال ذلك أمام العالم بأكمله، من غير منّ ولا أذى. وهو أمر التزم به كل من قُدّر أن يكون حاكما لبلاد تضم هذه المشاعر، حتى في الجاهلية قبل الإسلام.
إلا أن الحكومة السعودية تعمدت وبشكل واضح ومتكرر تسيس الحرمين، وجعل الحج والعمرة أداة للقمع ووسيلة لتصفية الخصوم، وطريقاً لدعم أنظمة قمعية. فقد اعتقلت قوات الأمن السعودي عدداً من حجاج بعض الدول الذين يعيشون في المنفى مثل مصر وليبيا واليمن وسوريا، وحجاج الأقلية المسلمة الصينية كالإيغور.
وقد عمدت الحكومة السعودية بعد أن منحت تأشيرات نظامية تقتضي الحماية والرعاية إلى اعتقال أعداد من الحجاج والزوار وتسليمهم لدولهم وأنظمتهم المشهورة بقمعها وانتهاكها للحقوق.
كما منعت الحكومة السعودية عدداً من حجاج دول الخليج وغيرها وعدداً من علماء ودعاة ومفكري المسلمين من أداء فريضة الحج أو أداء العمرة؛ بسبب موقف خاص للنظام السعودي، أو بسبب مواقفهم السياسية وآرائهم الفكرية، ومن بين الممنوعين علماء ومفكرين وأساتذة جامعات. إضافة إلى أن السعودية ما فتئت تستخدم منبر الحرمين الشريفين كأداة لتلميع سياسات نظام محمد بن سلمان، ولوحة دعائية له.
إننا نؤكد رفضنا وإدانتنا الكاملة لاستخدام الحج والعمرة أداة سياسية، أو وسيلة للبطش والقمع، أو طريقة لاستدراج الآمنين واعتقالهم من الحرم -الذي من دخله كان آمناً- أو مصيدة لتسليم ضيوف الرحمن قرباناً للأنظمة القمعية، كما هو الحاصل الآن في تسليم مسلمي تركستان الشرقية (الإيغور) للنظام الدموي في الصين، ونؤكد استنكارنا الشديد لتسليم أي حاج او معتمر لأي دولة قمعية في العالم الإسلامي أو غيره ، ورفضنا استعمال السلطة السعودية الحج والعمرة كرشوة سياسية لمن تريد، أو أداة عقاب بالمنع لأي مسلم يرغب الحج لمجرد ممارسته حقه الطبيعي في التعبير عن الرأي.
ونبين كذلك رفضنا القاطع لتسييس الحرمين الشريفين من خلال استخدامهما أداة للمناورات السياسية أو للتغطية على التصرفات العبثية للنظام، أو أن يستخدم منبريهما لمحاولة تبييض صفحة النظام، أو التعتيم على انتهاكاته أو السكوت عنها، مؤكدين أن منبر الحرم يجب أن يخاطب العالم الاسلامي بأسره وألا يختزل في بقعة جغرافية صغيرة أو قضايا محدودة يفرضها النظام .
وإننا إلى ذلك كله نناشد جميع المنظمات الإسلامية والجمعيات والمجامع العلمائية ومؤسسات تفويج الحجاج والمعتمرين والمنظمات الحقوقية القيام بواجبهم في دفع الضرر عن ضيوف بيت الله ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، وإدراج حقوق الحجاج والمعتمرين ضمن قوائم الحقوق ومعاييرها، وضمن مقاييس الشفافية العالمية.
ذلك لأن الحج في الشريعة الإسلامية ركن من أركانها وله من الحرمة والتقديس زماناً ومكاناً ما يعرفه جميع المسلمين ولا يخفى على غيرهم من الناس . وهو مع كونه فريضة على القادر عليه حق مشروع لكل مسلم ليس لأي أحد منعه منه، أو تعريض حياته أو سلامته للخطر بأي شكل من الأشكال.
زر الذهاب إلى الأعلى