بيان الحج ليس آمناً في عام ٢٠٢٣
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
إن مكة المكرمة والمدينة المنورة هما مهوى أفئدة المسلمين، وإليهما تشد الرحال من كل بقاع الأرض، ويتشوق كل المسلمين في العالم لزيارتهما واداء فريضة الحج ومناسك العمرة.. وإن زيارة هذه الأماكن المقدسة حقٌ مكفول شرعاً لكل مسلمٍ على وجه الأرض، ولا يحق لأحد منازعة هذا الحق أو منعه عنه، ولا منة لأحد في ذلك، بل المنة لله وحده أن جعل هذه البقاع المقدسة ضمن جغرافية دولة ما، “ليبلوهم فيما آتاهم” وهذا ماجرى عليه الأمر في كل الدول المتعاقبة على رعاية الحرمين وتنظيم شؤون الحج والعمرة عبر التاريخ الإسلامي.
غير أن ما آل إليه الأمر في العقد المنصرم مغايرٌ لما عرفه المسلمون من حقوق دينهم ، وما عهدوه عن الدول والممالك الراعية للحرمين الشريفين في السابق، حيث عمدت الحكومة السعودية إلى إقحام الحرمين الشريفين في معاركها السياسية، وقامت بتوظيفهما لخدمة أغراضها الأمنية المختلفة؛ فكل من يخالفها في مزاجها السياسي أو الفكري بات إمّا ممنوعاً من الحج والعمرة، أو مغدوراً به ومودعاً في سجونها، أو مُرحّلاً إلى أنظمة القمع والاستبداد التي قد يلاقي حتفه في سجونها.
لقد كان موسم الحج في فترات سلفت أشبه بمؤتمر إسلامي كبير يلتقي فيه المسلمون بكل أطيافهم ويحضر فيه العلماء والدعاة وشخصيات معتبرة من المصلحين والسياسيين؛ يلتقون في مكان واحد، ويتناقشون هموم وآمال العالم الاسلامي ويتبادلون الرؤى والأفكار . غير أن هذا المظهر المهم والنافع يكاد يختفي تماماً في الآونة الأخيرة – إلا ما تريده الحكومة السعودية أن يكون وفقاً لأغراضها الخاصة – . فالعلماء والمصلحون والدعاة في البلاد أما سجين أو طريد ، وفي خارجها إما ممنوع من الحج أو لا يستطيع القدوم له خوفا أن يكون ضحية بطش النظام السعودي .
وإن من صور الانتهاكات الأخرى التي تمارسها الحكومة السعودية التلاعب بقضية نِسب وأعداد الحجاج من الدول المختلفة، فهي لا توضع لأغراض تنظيمية وإنما لاعتبارات ساسية ومصالح خاصة بالحكومة. ناهيك عن تعمّد التضييق على الأقليات المسلمة في دول أوروبا وأمريكا والغرب عموماً. وعن استخدام الحج أداة للضغط على الدول ، وتقديم تأشيرات الحج رشاوى سياسية لمن تريد الحكومة استمالته أو استعماله لأهدافها السياسية والأمنية .
نحن الموقعون على هذا البيان نؤكد ونُعيد تذكير الحكومة السعودية بأن الحج والعمرة حقٌ مكفولٌ لكل مسلم. وأنه لا يجوز منع مسلم من الحج تحت أي ذريعة ، وأن منح التأشيرة للحج والعمرة يقتضي الأمان وعدم التعرض بالأذى لكل من دخل السعودية لذلك الغرض، ونؤكد رفضنا القاطع لكل الممارسات غير الشرعية التي تُمارس ضد قاصدي بيت الله الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ونعبر عن إدانتنا الكاملة لاستخدام الحج والعمرة أداة سياسية أو أمنية، أو وسيلة للبطش والقمع أو تسييس الحج والعمرة بأي شكل من الأشكال .
كما ندعو جميع علماء العالم الاسلامي والهيئات والمؤسسات العلمائية والمنظمات الحقوقية وجميع المسلمين في العالم إلى تذكير الحكومة السعودية بواجبها تجاه الأماكن المقدسة وقاصديها، واعلامهم صراحة أن تمكين جميع المسلمين من زيارتها وضمان أمانهم هو حق مشروع وواجب مفروض يلزم القيام به على أكمل وجه ودون تمييز أو تحيز سياسي. وأن مكة المكرمة بلدٌ حرام، وأن الله أوجب لقاصديه الأمن والأمان، وإيضاح أن تلك الممارسات الظالمة والانتهاكات الآثمة هي خيانة لعهد الله، وتعدٍ لحدوده. وأن عليها القيام بواجبها والالتزام بتعهداتها والكف عن كل ما يضر ويؤذي قاصدي الأماكن المقدسة. (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.