بيان الحج ليس آمناً في عام 2025
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان
الحج ليس آمناً 2025
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
في مثل هذه الأيام من عام 1445هـ / 2024م، وقعت واحدة من أسوأ كوارث الحج في التاريخ الحديث، راح ضحيتها أكثر من 1400 حاج، نتيجة الإهمال وسوء الإدارة، وقد أثبتت هذه الفاجعة أن شعيرة الحج لا تزال تُدار بقرارات فردية تفتقر للمسئولية والمسائلة، وأن الأرواح لا تجد ضمانًا كافيًا للسلامة في أقدس بقاع الأرض، وهي ذكرى سيئة تستوجب مراجعة جادة لطريقة إدارة الشعائر، بما يصون قدسيتها وكرامة الإنسان، بعيداً عن العقلية الأمنية المفرطة التي تستخدم لإدارة الحشود وتنظيم المسالك.
شُرعت فريضة الحج لتكون ملتقى لوحدة الأمة وتجرّدها من الخلافات الدنيوية، إلا أن الواقع يشهد ممارسات تُعيق تحقيق هذه المقاصد السامية، فلا تزال السلطات السعودية تمنع العديد من المسلمين من أداء الحج لأسباب سياسية أو اختلافات في الرأي، في مخالفة صريحة لمبدأ الاستطاعة الشرعي، وأن حرمان أيّ مسلم من الوصول إلى بيت الله الحرام هو تعدٍ على الحق الشرعي والإنساني، ولا يجوز تحت أي ذريعة، فالحرم ليس مِلكًا لأحد، بل مأوىً للناس جميعًا.
وفي وقتٍ يعيش فيه المسلمون ألم المجازر اليومية في غزة، قامت السلطات السعودية باعتقال معتمرين وحجاج عبّروا عن تضامنهم الرمزي مع إخوانهم الفلسطينين، ولا يزال عدد منهم رهن الاحتجاز حتى اليوم، وهو ما يستدعي الإفراج الفوري عنهم ووقف هذه الممارسات غير المبررة.
كما لم يسلم منبر الحج من التوظيف السياسي، إذ استُخدم لترويج مواقف لا تمثل وجدان الأمة، بدل أن يكون منبرًا للحق والوحدة والبراءة من الظلم، كما أراده الإسلام.
نؤكد أن استمرار هذا النهج في إدارة الشعائر يُقوّض أمن الحجاج، ويُفرغ الفريضة من مقاصدها، ويعرّض المشاعر المقدسة لخطر التحويل من أماكن عبادة إلى أدوات هيمنة ودعاية سياسية.
كما نذكّر علماء الأمة بمسؤوليتهم في بيان الحق والنهي عن المنكر، ورفض استغلال الشعائر المقدسة كوسائل ضغط، خاصة بعد توثيق حالات منع أو اعتقال لعلماء ودعاة ومفكرين، وإن الخوف من الحرمان من أداء الحج والعمرة لا يبرر الصمت، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ [الأحزاب: 39]، وفي الحديث: “أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر”.
إن بيت الله الحرام ليس مِلكًا لسلطة أو نظام، بل هو وقفٌ للأمة الإسلامية جمعاء، ويجب أن يبقى مكانًا آمناً، محررًا من التوظيف السياسي، متاحًا لكل من قصده مخلصًا، دون خوف أو قيد.

